من أحكام السبق في الإسلام
إخوة يوسف جاءوا أباهم عشاء يبكون: ﴿قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ﴾ [يوسف: ١٧]، أي: نتسابق فيما بيننا، وهل التسابق مشروع أم ليس بمشروع -وإن كان هذا ليس له مساس مباشر بالتأويل-؟ فالسباق مشروع، وقد سابق النبي ﷺ بين الخيل التي ضمرت من الجيفاء إلى ثنية الوداع، وسابق بين الخيل التي لم تضمر من ثنية الوداع إلى مسجد بني زريق، وهذا يؤخذ منه مراعاة التكافؤ، فلا تسابق بين شخص كبير وشخص صغير، وهكذا.
فالسباق مشروع، ولا يجوز السباق على وجه الرهان إلا في ثلاثة أحوال، وهي المذكورة في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل)، فقوله: (لا سبق إلا في خف)، أي: في الدواب ذوات الخف، كالإبل، (أو حافر) : وهي الدواب التي لها حوافر كالخيل والحمير، (أو نصل) : وهو الترامي بالسهام، أما ما سوى ذلك فلا يجوز على وجه الرهان.
وقد سابق النبي ﷺ عائشة رضي الله تعالى عنها؛ فسبقته مرة وسبقها مرة صلى الله عليه وسلم، وهذا مبسوط في مظانه، فـ عائشة رضي الله عنها تقول: (خرجت مع رسول الله ﷺ في بعض الغزوات فأمر الجيش بالتقدم، ثم قال: سابقيني يا عائشة! فسابقت النبي ﷺ وكنت حينئذ خفيفة لم أحمل اللحم فسبقته، ثم لما تقدمت بي السن خرجت مع النبي ﷺ في بعض الغزوات فقال: سابقيني يا عائشة! فسبقني، وقال: هذه بتلك)، فالمسابقة لا شيء فيها، ولكن لا تجوز على وجه الرهان إلا في الثلاثة التي ذكرت آنفاً.


الصفحة التالية
Icon