هل تتحقق رؤيا الكفار؟
ومما سبق يطرح سؤال مؤداه: هل رؤيا الكفار تتحقق؟ وكيف ذلك والنبي ﷺ يقول: (لم يبق بعدي من المبشرات إلا الرؤيا الصالحة؛ يراها العبد المؤمن أو تُرى له)، ويقول: (إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب، وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثاً)، فكيف يتأتى ذلك للكافر إذاً؟ الجواب على مثل هذا أن نقول: إن النبي ﷺ قال: (وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثاً)، وهذا على الغالب، ولا مانع أن تتحقق رؤيا الكافر لتحقق رؤيا هذين الفتيين، ولتحقق رؤيا الملك، وسوف تأتي إن شاء الله.
قال الله: ﴿فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ﴾ [يوسف: ٤٢]، والبضع كما هو رأي كثير من العلماء: من ثلاثة إلى تسعة، وورد في هذا الباب: أن أبا بكر رضي الله تعالى عنه كان قد رأى أن الروم ستغلب الفرس، فلما نزل قول الله تعالى: ﴿غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ﴾ [الروم: ٢-٤]، وكان قد وقت خمس سنين، فلما مرت الخمس ولم تغلب الروم الفرس ذهب أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ فأشار إليه: لو مددت إلى تسع، فما مرت التسع إلا وقد غلبت الروم الفرس، فاستأنس البعض بذلك على أن البضع أقل من العشرة، أي: من ثلاثة إلى تسعة، والله تعالى أعلم.


الصفحة التالية
Icon