دخول الفتيين السجن مع يوسف
﴿وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ﴾، الفتى هو الشاب، والفتاة هي الشابة، قال أحدهما ليوسف ﷺ مستفسراً ومخبراً: ﴿إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا﴾ [يوسف: ٣٦]، أي: يعصر عنباً، فيؤول العنب إلى خمر، وأطلق عليه خمر باعتبار ما سيؤول إليه، فأحياناً يطلق اللفظ باعتبار ما هو آت، وأحياناً يطلق باعتبار ما قد فات، قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا﴾ [النساء: ١٠]، أي: باعتبار ما ستؤول إليه أموال اليتامى، فإنها ستؤول إلى نار في البطون، وباعتبار ما قد فات، كقوله تعالى: ﴿وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ﴾ [النساء: ٢]، ولا يُؤتى اليتامى أموالهم إلا بعد البلوغ، ولا يتم بعد بلوغ، فأطلق عليهم يتامى باعتبار ما كان من أمرهم، كما أطلق على الرسول: يتيم أبي طالب، لكونه كان يتيماً عند أبي طالب، وكما قال تعالى: ﴿فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ﴾ [الشعراء: ٤٦]، فأطلق عليهم سحرة باعتبار ما كانوا فيه من سحر، وإلا فلا سحر مع سجود.
﴿قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا﴾، يعني: أعصر عنباً فيؤول العنب إلى خمر، ﴿وَقَالَ الآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [يوسف: ٣٦]، فعلامات الإحسان وسيم الصلاح تصاحب المحسنين في السجون والبيوت والطرقات.