خطة يوسف لأخذ أخيه
﴿فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ﴾ [يوسف: ٧٠]، والسقاية: هي الصواع الذي سيأتي ذكره، ومن أهل العلم من قال: إن الملك كان يشرب به ويكيل به أيضاً للناس، وهناك من تجشم أقوالاً فقال: كان من فضة، أو كان مرصعاً بالجواهر، إلى غير ذلك من الأقوال، والله أعلم بصحتها، والرحل: هو الوعاء الذي توضع فيه الأشياء ويحمل على البعير.
﴿ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ﴾ [يوسف: ٧٠]، أي: نادى منادٍ، فالأذان هو الإعلام، ﴿أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ﴾ [يوسف: ٧٠] أي: يا أصحاب العير! يا أصحاب هذه الإبل! إنكم لسارقون، ﴿قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ مَاذَا تَفْقِدُونَ﴾ [يوسف: ٧١]، يؤخذ من قوله: ((قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ)) إعمال القرائن، فالمتهم البريء يكون جريئاً، فهؤلاء ناداهم المنادي: ﴿أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ﴾ [يوسف: ٧٠]، فلم يقفوا في مكانهم، ولم يهربوا؛ بل قالوا وأقبلوا عليهم، فالمتهم البريء يكون جريئاً في أكثر الأحيان، حتى العجماوات تفهم ذلك، يقول العلماء: إذا كان بجوارك هرة وأنت تأكل سمكاً فناولتها قطعة أكلتها آمنة مطمئنة بجوارك، لكن إذا سرقت الهرة سمكة هربت تأكلها بعيداً خفية عن عينك، فحتى العجماوات تفهم شيئاً من هذا.