أقوال العلماء في الجمع بين الجلد والرجم لمن زنى وكان ثيباً
وهنا مسألة: إذا زنى الثيب فهل يرجم فقط أم بجمع له بين الجلد والرجم؟ قد ثبت في الحديث أن النبي ﷺ قال: (خذوا عني خذوا عني: الثيب بالثيب جلد مائة والرجم، والبكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام)، فالثيب بالثيب: جلد مائة والرجم، لكن حديث: أن الثيب إذا زنا -والثيب هو من سبق له الزواج- يجلد على ما في الحديث مائة جلدة ويرجم، وهذا الحكم على غير المعهود من أن الثيب يرجم فقط، وللعلماء في هذه المسألة قولان: القول الأول: أن الثيب إذا زنا يرجم فقط ولا يجلد، وهذا قول جمهور العلماء، ودليله: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها) ولم يقل فاجلدها ثم ارجمها.
ودليل آخر: أن النبي ﷺ رجم الغامدية لما زنت، ولم يرد أنه جلدها.
ورجم ماعزاً لما زنى ولم يرد أنه جلده، فهذه أدلة الجمهور القائلين بأن الثيب إذا زنى يرجم فقط.
القول الثاني: وذهب آخرون منهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى أن الثيب إذا زنى يجلد مائة جلدة ثم يرجم -أي: توقع عليه العقوبتان- واستدل بقوله: جلدتها بكتاب الله -أي: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ﴾ [النور: ٢] ورجمتها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ويستدل له أيضاً بالحديث الذي هو: (الثيب بالثيب جلد مائة والرجم)، ولكن رأي الجمهور أقوى.
والله أعلم.