الأساليب الوقائية التي اتخذتها الشريعة لمنع جريمة الزنا
لقد جعلت الشريعة الإسلامية بين العباد والذنوب حمى ومنعت من الاقتراب من هذا الحمى، ففالزنا له حمى والاقتراب من حماه حرام، فمثلاً: حرم السفر بدون محرم للنساء؛ لأن السفر بدون محرم يطمع الرجال في المرأة ويشجع المرأة ويوسوس لها بفعل المحرم، وحُرمت الخلوة بالأجنبية بدون محرم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا لا يخلون رجل بامرأة، فإن ثالثهما الشيطان)، وقال عليه الصلاة والسلام: (إياكم والدخول على النساء، قال رجل: أرأيت الحمو يا رسول الله؟ قال: الحمو الموت)، وحرم النظر إلى الأجنبية فقال سبحانه: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ﴾ [النور: ٣٠]، وقال تعالى: ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ﴾ [النور: ٣١]، وحرم التبرج فقال صلى الله علهي وسلم: (صنفان من أمتي من أهل النار لم أرهما: نساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات، رءوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها).
فكل المقدمات المؤدية إلى الزنا حرمت، حتى الوصف فقد يصف رجل امرأته لغيره، أو تصف امرأة رجلاً وتتغزل في صورته، ويتغزل في صورتها، فيؤدي ذلك بهما إلى الوقوع في المحرم والفاحشة، والخضوع بالقول من المرأة، الذي يطمع الذي في قلبه مرض حُرم، قال تعالى: ﴿َلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾ [الأحزاب: ٣٢].
والمواجهة المباشرة والحديث المباشر بين الرجال والنساء وجهاً لوجه منعه أولى، قال تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ﴾ [الأحزاب: ٥٣].
والغناء الذي يثير الفواحش ويهيج الرجال والنساء، ويصف الخدود والخمور حرام، فكل السبل التي تؤدي إلى الزنا سُدت، ولا يهلك على الله إلا هالك، ولا يقتحم هذه الأشياء كلها إلا رجل هالك، فلذلك قال سبحانه: ﴿وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى﴾ [الإسراء: ٣٢] وهو أبلغ من قوله: ولا تزنوا، ﴿وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا﴾ [الإسراء: ٣٢]، وقال النبي عليه الصلاة والسلام: (من يضمن لي ما بين لحييه ورجليه أضمن له الجنة) أي: يضمن لي لسانه وفرجه، أضمن له الجنة.
ومن الدواعي إلى الزنا في هذه الأزمان: النظر إلى التلفزيون، والفيديو والأفلام، والمجلات التي عليها صور النساء العاريات، فهذه يجب أن تحرق؛ لأنها تهيج الكامن، وتساعد على نشر الرذيلة، والاتجار في مثل هذه المجلات التي عليها صور العرايا حرام؛ لأنه نشر للفساد والرذيلة في الأرض.
قال الله سبحانه وتعالى: (الزانية والزاني) أي: بهذه الصفة المخصوصة: الزاني الحر البكر العاقل.


الصفحة التالية
Icon