تفسير قوله تعالى: (إنكم لفي قول مختلف)
﴿إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ﴾ [الذاريات: ٨]، يقسم الله سبحانه وتعالى على شيء ألا وهو ﴿إنكم لفي قول مختلف﴾، هل هناك علاقة بين المقسم به والمقسم عليه؟ البعض من المفسرين أحياناً يلتمس علاقات بين المقسم به والمقسم عليه، فمن العلماء مثلاً من يورد هنا: ﴿والسماء ذات الحبك﴾ على رأي من قال: والسماء ذات الطرق المختلفة والمتنوعة.
﴿إنكم لفي قول مختلف﴾ أي: كما أن السماء فيها طرق ومدارات مختلفة، وقول آخر على رأي من قال: إن الحبك هو الشد والإتقان، فيكون والسماء التي أتقن صنعها إنكم لفي قول متفرق مشتت، فيحدث ربط والله سبحانه أعلم بذلك.
﴿إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ﴾ [الذاريات: ٨]، هذا القول المختلف هو قولهم في القرآن وفي الرسول ﷺ كذلك، فمنهم من يقول: إنه ساحر، ومنهم من يقول: إنه كاهن، ومنهم من يقول: إنه شاعر، ومنهم من يقول: إنه مجنون.
ومنهم من يقول: ﴿أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ [الفرقان: ٥]، ومنهم من يقول: ﴿إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ﴾ [النحل: ١٠٣]، ومنهم من يقول: ﴿امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ * مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلاقٌ﴾ [ص: ٦-٧].
فأقوالهم في القرآن وفي الرسول عليه الصلاة والسلام ليست بمتحدة وليست بمطردة، إنما هي أقوال متشتتة ومتفرقة.


الصفحة التالية
Icon