تكذيب المشركين بالآيات
قال سبحانه: ﴿أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا﴾ [الطور: ٤٣-٤٤] إن يرى هؤلاء الكفار العذاب نازلاً عليهم من السماء، قد تقطع عليهم وسقط قطعاً قطعاً؛ لكذبوا أيضاً مع مجيء هذه الآيات، وقالوا: ﴿سَحَابٌ مَرْكُومٌ﴾ [الطور: ٤٤] أي: متراكم بعضه فوق بعض! فيرون العذاب نازلاً ولكنهم يلحدون كذلك، كما يفعل أهل الإلحاد والعلمنة في هذا الزمان، يرون الزلازل من تحت أرجلهم، ويقولون: هزات أرضية! هكذا أهل الكفر دائماً، ﴿وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ﴾ [الطور: ٤٤] أي: قطعاً من السماء متساقطة عليهم بالعذاب ﴿يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ﴾ [الطور: ٤٤] ولا يقرون أنه عذاب من عند الله سبحانه وتعالى، فهكذا أهل الإلحاد الذين يجحدون اليوم الآخر وينكرون عذاب الله فإنهم يصرفون العذاب إلى اصطلاحات سموها هم وآباؤهم.
قال تعالى: ﴿وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ﴾ [الطور: ٤٤] أي: أن الآيات لا تنفعهم بشيء، كما قال الله جل ذكره في كتابه الكريم: ﴿إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ﴾ [يونس: ٩٦-٩٧].
قال تعالى: ﴿فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ * يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلا هُمْ يُنصَرُونَ﴾ [الطور: ٤٥-٤٦]، ﴿وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ﴾ [الطور: ٤٧] أي: إن للذين ظلموا عذاباً في الحياة الدنيا أقل من عذاب الآخرة، وما هو العذاب في الحياة الدنيا الذي ذكره الله بقوله: ﴿عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ﴾ [الطور: ٤٧] ؟ قال فريق من العلماء: هو ما أصابهم يوم بدر، وقال آخرون: هو ما أصابهم من جوع لما دعا عليهم رسول الله ﷺ قائلاً: (اللهم! اجعلها عليهم سنين كسني يوسف).
قال سبحانه: ﴿وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ﴾ [الطور: ٤٧] أي: قبل عذاب يوم القيامة، ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ﴾ [الطور: ٤٧].


الصفحة التالية
Icon