رفع الله للمؤمنين وأهل العلم درجات
وقوله تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ [المجادلة: ١١]، ما هو وجه إيراد هذه الفقرة من الآية في هذا الموطن بعد قوله: ﴿إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ [المجادلة: ١١] ؟ أولاً: الآية فيها منقبة كبرى لأهل العلم، ومثلها قوله تعالى: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [آل عمران: ١٨].
﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ [المجادلة: ١١]، أي: في الآخرة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يقال لصاحب القرآن يوم القيامة: اقرأ وارتق ورتل فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها)، وقال عليه الصلاة والسلام: (إن معاذ بن جبل يتقدم العلماء رمية بحجر يوم القيامة).
فمن العلماء من قال: إن قوله تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ [المجادلة: ١١] خبر، ومع كونه خبراً يحمل معنى الأمر، وما هو وجه ذلك؟ إن الله سبحانه وتعالى قال: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ [المجادلة: ١١] أي: عليكم أن تفسحوا لهم في المجالس، وأن تجلسوهم في المجالس، هذا قول.
القول الثاني: أن الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم هم الذين فهموا قوله تعالى: ﴿إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا﴾ [المجادلة: ١١] أي: أنهم الذين عقلوا عن الله أمره، وامتثلوه؛ فتفسحوا في المجالس، ونشزوا حينما طلب منهم النشوز، هؤلاء أهل فقه، وأهل علم، وأهل امتثال لأمر الله، هؤلاء يرفعهم الله سبحانه وتعالى درجات.
فهذان وجهان، وكل وجه منهما له قوته وله وجاهته، والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon