تفسير قوله تعالى: (استحوذ عليهم الشيطان.)
قال تعالى: ﴿اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ﴾ [المجادلة: ١٩]، أي: غلبهم وقهرهم وسيرهم وأحاط بهم، وإذا قلت: استحوذ فلان من الناس على الشيء، أي: أخذه بكامله وأحاط به، وقد وصف عمر بأنه كان رجلاً أحوذياً رضي الله تعالى عنه، أحوذياً بالذال أو بالزاي على رواية، أي: أنه كان محيطاً بأمره، مجتمعاً عليه أمره رضي الله تعالى عنه.
﴿فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ﴾ [المجادلة: ١٩]، أي: فحملهم الشيطان على ترك ذكر الله، والنسيان هنا ليس النسيان المعهود، فإن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (يرحم الله فلاناً! لقد أذكرني آية كيت وكيت من سورة كيت وكيت كنت أنسيتها)، فهنا النسيان: بمعنى الترك، ﴿فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ﴾ [المجادلة: ١٩]، أي: حملهم على ترك ذكر الله، وما المراد بذكر الله هنا؟ فيه أقوال: أحدها: أنه على بابه الذكر المعهود.
والثاني: ذكر الله هو القرآن.
والثالث: ذكر الله هو توحيد الله سبحانه، والكل محتمل وصحيح.
﴿أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ [المجادلة: ١٩].