التجارة مع الله
قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [الصف: ١٠]، ذكر بعض العلماء سبباً لنزول في هذه الآية الكريمة وهو: أن أصحاب النبي ﷺ تساءلوا فيما بينهم: لو علمنا أي الأعمال أحب إلى الله سبحانه وتعالى لتقربنا إلى الله سبحانه وتعالى به، فنزل قول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [الصف: ١٠-١١].
ثم فكيف قيل لهم: ﴿تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [الصف: ١١] وهم في الأصل مؤمنون؛ إذ صدر الخطاب لهم بقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا﴾ [الصف: ١٠] ؟ فكيف يقال لهم: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا﴾، ثم يقال لهم: ﴿تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [الصف: ١١] ؟ فالإجابة كالإجابة في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا﴾ [النساء: ١٣٦]، فمعنى قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا﴾ [النساء: ١٣٦]، أي: اثبتوا على إيمانكم أو زيدوا من الإيمان، فهذا من هذا الباب.
فإذا كان على هذا التأويل الثاني: زيدوا من إيمانكم، ففيه دليل على زيادة الإيمان، وزيادة الإيمان من معتقد أهل السنة والجماعة، وجمهورهم على أن الإيمان يزيد وينقص، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُم﴾ [محمد: ١٧]، ﴿لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ﴾ [الفتح: ٤]، إلى غير ذلك من الأدلة.