تفسير قوله تعالى: (أأمنتم من في السماء.)
ثم قال سبحانه: ﴿أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ﴾ [الملك: ١٦] استدل بها على أن الله في السماء، والأدلة على هذا لا حصر لها، منها: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه: ٥]، ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ [فاطر: ١٠]، ﴿تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ [المعارج: ٤]، عرج برسول الله إلى بعد السماء السابعة ﴿عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى﴾ [النجم: ١٤-١٥] وفرضت عليه هنالك الصلوات، (يتنزل ربنا إلى سماء الدنيا إذا كان الثلث الأخير من الليل)، (أين الله؟ قالت: في السماء، قال: أعتقها فإنها مؤمنة)، ﴿الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ﴾ [الفرقان: ٥٩]، إلى غير ذلك من الأدلة قال تعالى: ﴿أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ﴾ (فتمور) أي: تتحرك وتضطرب اضطراباً شديداً.
﴿أَمْ أَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا﴾ [الملك: ١٧] أي: حصى وتراباً كثيراً، ﴿فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ﴾ أي: كيف إنذاري لكم.
﴿وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾ [الملك: ١٨] أي: كيف أنكرت عليهم أفعالهم، وأحللت بهم العذاب، وأنزلت بهم البلاء؟!


الصفحة التالية
Icon