تفسير قوله تعالى: (فستبصر ويبصرون، بأيكم المفتون)
قال تعالى: ﴿فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ﴾ [القلم: ٥] أي: فستعلم ويعلمون، ﴿بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ﴾ [القلم: ٦] أي: أيّكم هو المفتون، من العلماء من قال: إن الباء زائدة كما في قوله تعالى: ﴿وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلآكِلِينَ﴾ [المؤمنون: ٢٠] والباء؛ قال فريق من العلماء: الباء زائدة، فقوله تعالى: ﴿فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ﴾ [القلم: ٥] فستعلم يا محمد! وسيعلم هؤلاء الكفار المفترون -الذين يدعون أنك مجنون، وأنك مفتون- من المفتون! ﴿بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ﴾ [القلم: ٦] و (المفتون) من العلماء من قال: معناه: المجنون، لأنها جاءت في عقب الآية التي هي ﴿مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ﴾ [القلم: ٢] فلما نفى الجنون عنه قال: ستعلمون من المجنون، ومن هو المفتون والمصروف عن الحق، فالفتنة تطلق على الصرف أحياناً، ومنه قول الشاعر: لئن فتنتني لهي بالأمس أفتنت سعيداً فأصبح قد قلى كل مسلم وألقى مصابيح القراءة واشترى وصال الغواني بالكتاب المتيم فقوله: (لإن فتنتني) أي: لئن صرفتني عما أنا عليه من الخير، فهي بالأمس أفتنت سعيداً، (فأصبح قد قلى كل مسلم)، (وألقى مصابيح القراءة واشترى) أي: أنصرف عن الخير، (وألقى مصابيح القراءة واشترى) (وصال الغواني بالكتاب المتيم).
فمفتون: إما أنه المصروف عن الحق إلى الباطل، وإما أنه المجنون.


الصفحة التالية
Icon