تفسير قوله تعالى: (وأنا لمسنا السماء.)
تحكي الجن وتقول ﴿وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ﴾ [الجن: ٨] لمسناها.
أي: جلسنا بجوارها نتجسس، فالمراد باللمس هنا: التجسس والتنصت على أخبار السماء.
﴿فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا﴾ [الجن: ٨].
قال تعالى: ﴿وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ﴾ [الجن: ٩] أي: من قبل كنا نجلس نتنصت على السماء، ونسمع الأخبار التي تدور بين الملأ الأعلى، كما تقدم في حديث الرسول ﷺ في وصف استماع الجن ﴿فَمَنْ يَسْتَمِعِ الآنَ﴾ [الجن: ٩] بعد بعثة الرسول ﴿يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا﴾ [الجن: ٩] بالمرصاد، كما قال تعالى: ﴿إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ * وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ * لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ﴾ [الصافات: ٦-٨].
قال تعالى: ﴿وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأَرْضِ﴾ [الجن: ١٠] حتى سلطت علينا هذه الشهب ﴿أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا﴾ [الجن: ١٠].
﴿وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ﴾ [الجن: ١١] قال كثير من العلماء: منهم: الكفار، والفسقة والمرجئة والقدرية، والخوارج، والروافض، وكل الملل في الجن كما هي في الإنس، (وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا) أي: فرقاً شتى.
﴿وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعجِزَ اللَّهَ فِي الأَرْضِ﴾ [الجن: ١٢] الظن هنا بمعنى: اليقين.
أي: اعتقدنا الآن أننا لن نعجز الله في الأرض.
أي: لن نفوت من ربنا سبحانه وتعالى ﴿وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا﴾ [الجن: ١٢] أي: ولن نستطيع أن نهرب منه سبحانه.
﴿وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخَافُ بَخْسًا وَلا رَهَقًا﴾ [الجن: ١٣] (البخس) (النقص) (الرهق) الإثم والخطيئة، ومنه: ﴿وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ﴾ [الأعراف: ٨٥] أي: لا تنقصوا الناس أشياءهم.