تفسير قوله تعالى: (إنا نحن نزلنا عليك القرآن.)
﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا﴾ [الحجر: ٩]، أي على فترات وعلى مراحل وليس دفعة واحدة، قال تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا﴾ [الفرقان: ٣٢] أي: شيئاً فشيئاً.
قال الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم: ﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ﴾ [الإنسان: ٢٤] أي: لقضاء ربك، ﴿وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا﴾ فالآية نهت رسول الله عن طاعة الآثمين وطاعة الكفار، وهي كقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ﴾ [الأحزاب: ١] وقال الله سبحانه وتعالى أيضاً: ﴿وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾ [الكهف: ٢٨]، فالآية أيضاً نص في أن الذي يدعو إلى معصية الله لا يطاع.
﴿وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ [الإنسان: ٢٥] أي: صباحاً ومساءً، والمعنى: أكثر من الذكر ﴿وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ﴾، فكأن ذكر الرب سبحانه مقوي على ما ينالك من بلاء بسبب عدم طاعتهم.
﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا * إِنَّ هَؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا﴾ [الإنسان: ٢٦-٢٧] العاجلة: الدنيا، واليوم الثقيل: يوم القيامة.
﴿نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ﴾ [الإنسان: ٢٨] أي: قوينا خلقهم، ﴿وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا﴾ [الإنسان: ٢٨] ﴿إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ﴾ [الإنسان: ٢٩] أي: موعظة ﴿فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا﴾ [الإنسان: ٢٩] أي: طريقاً يقربه من الله، ولكن، ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾ فالهادي هو الله ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا * يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ [الإنسان: ٣٠-٣١].


الصفحة التالية
Icon