تفسير قوله تعالى: (فلا أقسم بالخنس.)
ثم قال الله سبحانه: ﴿فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ﴾ [التكوير: ١٥] : الخنس هي: النجوم التي تخنس، ومنه قول أبي هريرة: (لقيت النبي ﷺ وأنا جنب فانخنست منه) أي: اختفيت منه، وتجنبته.
الحديث.
فأطلق على النجوم: (الخنس) لأنها تخنس، تختفي أو ترجع إلى أماكنها.
﴿الْجَوَارِ﴾ [التكوير: ١٦] هي: التي تجري.
﴿الْكُنَّسِ﴾ [التكوير: ١٦] أي: التي تغيب وتستتر في بيوتها.
﴿وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ﴾ [التكوير: ١٧] : من العلماء من قال: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ﴾ أي: أدبر وذهب، وهذا القائل وضع الآيتين مقابل آيتين أخريين من سورة المدثر: ﴿وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ * وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ﴾ [المدثر: ٣٣-٣٤]، فهنا: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ * وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ﴾ [التكوير: ١٧-١٨].
فـ ﴿أَسْفَرَ﴾ بمعنى: تنفس، إذاً: ﴿أَدْبَرَ﴾ بمعنى: ﴿عَسْعَسَ﴾.
وهذا القول قول قوي، ومن العلماء من قال: ﴿عَسْعَسَ﴾ معناها: دخل وأقبل، واستدل أن الله أقسم بذلك فقال: ﴿وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى﴾ [الضحى: ١-٢] فأقسم بالنهار، وأقسم بالليل إذا غطى وأظلم، فهي محتملة للمعنيين.
﴿وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ﴾ [التكوير: ١٨] : فكلها آيات دالة على قدرة الله سبحانه وتعالى، وإذا حاججت ملحداً فلياحجج بمثل هذه الأدلة، كما حاجج إبراهيمُ الجبار فقال له: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ﴾ [البقرة: ٢٥٨] إن كنت تزعم أنك إله ﴿فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ﴾ [البقرة: ٢٥٨].


الصفحة التالية
Icon