تفسير قوله تعالى: (قتل أصحاب الأخدود.)
قال الله سبحانه: ﴿قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ﴾ [البروج: ٤] (قُتِلَ) أي: لعن.
(أَصْحَابُ الأُخْدُودِ) : أطلق عليهم أصحاب الأخدود؛ لأنهم هم الذين حفروه، فهم القتلة الظلمة، وليس المقصود: المقتولين، فـ ﴿قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ﴾، لعن الذين خدوا الأخدود.
و (الأخدود) : شق في الأرض، فلعن الله سبحانه وتعالى من شق هذه الشقوق في الأرض، وأضرم فيها النيران، وألقى فيها المؤمنين.
قال تعالى: ﴿النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ﴾ [البروج: ٥] لماذا وصفت النار بأنها ذات الوقود؟ من العلماء بل جمهورهم من قال: وصفت النار بذات الوقود؛ لبيان عظمها وشدة هولها، فكانوا قد أججوا حطباً وأوقدوا نيراناً عظيمة، فوصفت بأنها ذات الوقود لهذا.
قال تعالى: ﴿إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ﴾ [البروج: ٦] يعني: الذين خدوا الأخاديد جلسوا بجوارها، فليس معنى (عَلَيْهَا) فوقها، وقد قدمنا أن حروف الجر في الكتاب العزيز تتناوب: (إِذْ هُمْ عَلَيْهَا)، أي: على جوانبها.
(قُعُودٌ)، أي: حضور يشاهدون أهل الإيمان وهم يعذبون.
﴿إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ﴾، فـ ((عَلَيْهَا)) : ليس معناها كما في قوله تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا﴾ [آل عمران: ٧٥]، يعني: قائماً بالمطالبة.
قال تعالى: ﴿وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ﴾ [البروج: ٧] أي: حضور يشاهدون.


الصفحة التالية
Icon