تفسير قوله تعالى: (إنهم يكيدون كيداً)
قال الله: ﴿إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا﴾ [الطارق: ١٥] أي: يمكرون مكراً، والخطاب في (إنهم) عائد إلى الكفار.
(يكيدون كيداً) : يدبرون تدبيراً ويتآمرون مؤامرات، كما قال سبحانه: ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ [الأنفال: ٣٠] فهم لهم مكر وتدبير للفتك بالإسلام والمسلمين، ولكن لربنا سبحانه وتعالى تدبير أيضاً، فيقول سبحانه: ﴿وَأَكِيدُ كَيْدًا﴾ [الطارق: ١٦] أي: أنا أكيد كيداً، وقد قال بعض أهل العلم: إن من كيد الله سبحانه وتعالى: أنه يمدهم في طغيانهم، ويمدهم في النعيم، وينعم عليهم بالنعم، ويستدرجهم بهذه النعم حتى إذا أخذهم لم يفلتهم، كما قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ﴾ [هود: ١٠٢] يفتح لهم أبواب النعم ويقذف في قلوبهم الغرور، ثم يسقطون سقطة ينتقم الله فيها منهم سبحانه وتعالى.
﴿فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا﴾ [الطارق: ١٧] أي: أنظرهم وأخرهم.
(أمهلهم رويداً) أي: قليلاً، فستأتيهم عاقبة أعمالهم السيئة التي عملوها.
والحمد لله رب العالمين.