تفسير قوله تعالى: (وجوه يومئذٍ خاشعة)
قال تعالى: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ﴾ [الغاشية: ١].
ما هي متبوعات هذه الغاشية؟ ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ﴾ [الغاشية: ٢] من أهل العلم من قال: إن الوجوه الخاشعة هي: وجوه الكفار، لقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ﴾ [الشورى: ٤٥] يعني: هؤلاء هم الكفار، وتأيد هذا القول بأن الله وصف وجوهاً بأنها خاشعة، وبعد آيات قال: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ﴾ [الغاشية: ٨] فهناك وجوه خاشعة، ووجوه ناعمة، فقالوا: إن الوجوه الخاشعة هي: وجوه الكفار، والوجوه الناعمة هي: وجوه أهل الإيمان، ومن أهل العلم من قال: إن الوجوه الخاشعة عموم الوجوه، فكل الوجوه تخشع -أي: تخاف- لقوله تعالى: ﴿وَخَشَعَتِ الأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا﴾ [طه: ١٠٨] لكن القول الأول أصح، لذكر الوجوه الناعمة بعد ذلك، فالمراد إذاً -والله أعلم- بالوجوه الخاشعة: وجوه أهل الكفر، ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ﴾ وأصل الخشوع هو: الخضوع والذل، والخشوع يطلق على الخضوع، ويطلق على الذل، ويطلق على الانخفاض كذلك، كما قال الله: ﴿خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ﴾ [القمر: ٧] أي: ذليلة أبصارهم ومنخفضة أبصارهم، ونقول: رجلٌ خاشع في صلاته.
أي: خاضع ومنكسر بين يدي ربه سبحانه وتعالى.