تفسير قوله تعالى: (والليل إذا يغشى.)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين.
وبعد: فيقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى * إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى﴾ [الليل: ١-٤].
يقسم الله سبحانه وتعالى بالليل وبالنهار، ويقسم بالذي خلق الذكر والأنثى، وهو نفسه سبحانه وتعالى، يقسم بذلك على: ((إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى)).
وقوله تعالى: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى﴾ أي: يغطي بظلامه، ومنه قوله تعالى: ﴿فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى﴾ [النجم: ٥٤] أي: فاعتراها ما اعتراها، وأصابها ما أصابها، وحل بها ما حل بها، ونفس المعنى مضمن في قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا﴾ [الأعراف: ١٨٩]، (تغشاها) أي: جامعها، فيقسم الله بالليل عند إقباله ومجيئه وتغطيته للأشياء، ويقسم بمقابل ذلك وهو النهار: ﴿إِذَا تَجَلَّى﴾ أي: أضاء وظهر وأنار، وهذا القسم كقوله تعالى: ﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا * وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا * وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا﴾ [الشمس: ١-٤].
﴿وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى﴾ أي: والذي خلق الذكر والأنثى، يقسم الله سبحانه بهذه الأشياء على: ﴿إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى﴾.