تفسير قوله تعالى: (وأما من بخل واستغنى.)
قال الله: (وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى)، بخل بالمال وامتنع عن إنفاقه في أوجه الخير، (وَاسْتَغْنَى) عن ربه سبحانه وتعالى!! (وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى) * (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى)، أي: سنوفقه ونهيئه لعمل الشر، قال علي رضي الله عنه: (كنا مع النبي ﷺ في جنازة في بقيع الغرقد، فجلس وجلسنا حوله، وكان معه عود ينكت به، فقال عليه الصلاة والسلام: ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة أو مقعده من النار، فقلنا: يا رسول الله! أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل؟ قال: اعملوا فكلٌ ميسر لما خلق له: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى﴾ [الليل: ٥-١٠] ).
وفي الصحيحين (أن شاباً أو شابين من الأنصار -كما في بعض الروايات- أتيا إلى رسول الله ﷺ فقالا: يا رسول الله! أرأيت العمل الذي نعمل فيه، أهو عمل مستأنف أم عمل طويت عليه الصحف، وجفت به الأقلام، وجرت به المقادير؟ قال: بل تعملون عملاً طويت عليه الصحف وجفت به الأقلام وجرت به المقادير، فقالا: يا رسول الله! ففيم العمل إذاً؟ قال: اعملوا فكلٌ ميسر لما خلق له، ثم قرأ: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى﴾ [الليل: ٥-١٠] ).