تفسير قوله تعالى: (كلا إن الإنسان ليطغى)
قال تعالى: ﴿كَلَّا إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى﴾ [العلق: ٦] (كلا) تحمل معنى الردع والزجر، فهي نفي لشيء تقدم، ومع أنها نفي فإنها تحمل معنى الردع والزجر، ومن العلماء من قال: إنها نفي لشيء مستتر مضمر في الآيات، فمعناها: كلا ليس، الأمر كما تزعمون من أنه لا بعث؛ بل هناك بعث.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى﴾ [العلق: ٦] (يطغى) أي: يتجاوز الحد في الظلم والعدوان، والطغيان: هو تجاوز الحد في الظلم، ومن تفسير الطغيان بالازدياد قوله تعالى: ﴿إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ﴾ [الحاقة: ١١] أي: ازداد الماء وعلا وارتفع.
قال تعالى: ﴿أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى﴾ [العلق: ٧] (رآه) ترجع إلى نفسه، أي: أن الإنسان إذا رأى نفسه مستغنياً عن الخلق بدأ في التكبر عليهم والطغيان، ويؤيد هذا المعنى قوله تعالى: ﴿وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجَانِبِهِ﴾ [فصلت: ٥١]، ويؤيده أيضاً قوله تعالى: ﴿وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ﴾ [الشورى: ٢٧]، فهذا دأب الإنسان، يبدأ في الطغيان إذا رأى نفسه مستغنياً عن الناس.
ولكن يا أيها الإنسان الطاغي: ﴿إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى﴾ [العلق: ٨] يا من تستكبر وتتعالى لكونك رأيت نفسك مستغنياً عن الخلق اعلم ﴿إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى﴾ أي: المرجع والمآب يوم القيامة.


الصفحة التالية
Icon