قال الإمام البقاعي :" وهي كلُّها في حجاج المشركين وغيرهم من المبتدعة والقدرية وأهل الملل الزائغة، وعليها مبنى أصول الدين لاشتمالها على التوحيد والعدل والنبوة والمعاد وإبطال مذاهب الملحدين.... " (١).
وقال صاحب الأساس :" إن السورة حوار شامل مع الكافرين في كل الاتجاهات الرئيسية للكفر سواء كانت نظرية، أو كانت عملية، ولذلك فإن على الداعية إلى الله أن يتملَّى حُججها ويعرف كيف يقرع بها " (٢).
فالسورة الكريمة تدور حول إقامة الحجَّة على الكفار بنقض عقائدهم الباطلة وإثبات العقيدة الصحيحة بالأدلة القاطعة، والبراهين الساطعة والحجج المتنوعة، وهذه السورة الكريمة :" هي أجمعُ سور القرآن لأحوال العرب في الجاهلية وأشدُّها مقارعةً لهم واحتجاجا على سفاهتهم " (٣).
فلقد كشفت هذه السورة الكريمة كثيرا مما عليه أهل الجاهلية من زيغٍ وضلالٍ، وانحرافاتٍ ومخالفاتٍ وأباطيل وشبهاتٍ: " عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ :" إِذَا سَرَّكَ أَنْ تَعْلَمَ جَهْلَ الْعَرَبِ فَاقْرَأْ مَا فَوْقَ الثَّلَاثِينَ وَمِائَةٍ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ " ﴿ ؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟... ﴾ " (٤).
فقد اشتملت هذه السورة على أساليب متنوعة في تقويض دعائمِ الشرك، وترسيخ قواعد الإيمان، ودحض شبه أهل الزيغ والضلال، وإبطال ما كان عليه أهل الجاهلية من معتقدات فاسدة وتقاليد راكدة، من هنا وقع اختياري على هذه السورة الكريمة الجامعة : لدراسة الحوار القرآني في ضوئها.
(٢) - الأساس في التفسير للشيخ سعيد حوى رحمه الله ٣/ ١٦٦١
(٣) - تصور الألوهية كما تعرضه سورة الأنعام ص ٢٠.
(٤) - رواه البخاري في صحيحه صحيح البخاري ١١ / ٣٥٠ كتاب المناقب - بَاب جَهْلِ الْعَرَبِ ورواه الطبري في جامع البيان ١٢ / ١٥٥