وقال الإمامُ المجددُ العلامة الشوكاني :" أمره الله سبحانه بالإعراض عن أهل المجالس التي يستهان فيها بآيات الله إلى غاية هي الخوض في غير ذلك، وفي هذه الآية موعظة عظيمة لمن يتسمَّح بمجالسة المبتدعة، الذين يحرّفون كلام الله، ويتلاعبون بكتابه وسنة رسوله، ويردّون ذلك إلى أهوائهم المضلة وبدعهم الفاسدة، فإنه إذا لم ينكر عليهم ويغير ما هم فيه فأقلّ الأحوال أن يترك مجالستهم، وذلك يسيرٌ عليه غير عسير. وقد يجعلون حضوره معهم مع تنزّهه عما يتلبسون به شبهةً يُشَبِّهُونَ بها على العامة، فيكون في حضوره مفسدةٌ زائدةٌ على مجرد سماع المنكر، وقد شاهدنا من هذه المجالس الملعونة ما لا يأتي عليه الحصر، وقمنا في نصرة الحق ودفع الباطل بما قدرنا عليه، وبلغت إليه طاقتنا، ... " (١).
فعلى كلِّ مسلمٍ غيورٍ أن يُعرض عن تلك المجالسِ التي يستهانُ فيها بآياتِ الله إذا لم يتسنى له صرفهم عن خوضهم واستهزائهم.
من هنا : فإن الأصل عدم حضور مجالس الكفار مثل منتديات أو مؤتمرات الحوار التي يرددون فيها أباطيلهم ويدعون إلى ضلالاتهم إلا إذا كان الحضور بنية عرض الإسلام ودحض الشبهات التي يثيرها أعداؤه والرد على أباطيلهم وضلالاتهم فلا بأس من ذلك.

(١) - فتح القدير للشوكاني ٢ / ٤٢٩ وينفق : يلقى في نفسه قبولا من نفقت السلعة إذا راجت، وليراجع ما ذكره السيد رشيد رضا في تفسير المنار ٧/ ٥٠٦.


الصفحة التالية
Icon