بعد هذه الجولة مع الحوار القرآني في ضوء سورة الأنعام نقف على أهمية الحوار وضرورته ومقاصده وسماته وفنونه وصوره وعوائقه، في ضوء القرآن الكريم وفي رحاب سورة الأنعام، تأصيلا لمنهج الحوار ورجوعا به إلى مقاصده الكريمة وضوابطه الأصيلة، حتى يؤتي ثماره ويؤدي دورَه، سيَّما في هذا العصر الذي تشتدُّ فيه الحاجة إلى الحوار الجاد الصريح الذي يستوعب جميع القضايا، حوار العزة والقوة، حوار الحكمة والموعظة الحسنة، حوار الدعوة والتبليغ، حوار التفاهم والتعاون، حوار التعارف والتواصل.
ومما يؤسى له أن كثيرا من مؤتمرات الحوار التي عُقِدَت في عصرنا هذا لم يتطرق فيها المتحاورون إلى مناقشة العقائد، وهي لبُّ الخلاف بين الأديان بل تمَّ تفريغُ هذه المؤتمرات من هدفها، وتهميشُ القضايا الأصولية، ودارت المحاوراتُ حول قضايا ومسائل سياسية واجتماعية وثقافية، دون التطرُّقِ إلى الأصل وبذلك تضيعُ الفرصةُ أمامنا لعرض عقيدتنا على الآخرين، ومع أن كثيرا من هذه المؤتمرات يشارك فيها بعض المتخصصين أو العاملين في حقل الدعوة والمؤسسات الدينية إلا أن حضورهم ما هو إلا إكمالٌ للصورة، وكأننا قد اتفقنا مع غيرنا في الأصول وانتقل النقاش إلى الفروع.
حاجتنا إلى الحوار في شتى جوانب حياتنا الخاصة والعامة في بيوتنا ومدارسنا ومساجدنا ومنتدياتنا وسائر مجتمعاتنا فالحوار هو الأسلوب الهادئ والطريق السهل للإقناع والتقارب والتنسيق.
حاجتنا إلى تأصيل الحوار تأصيلا شرعيا والعودة به إلى المنبع الصافي والمورد العذب الشافي، الكتاب والسنة، مع الاقتداء بسلفنا الصالح وسائر الدعاة والمصلحين والمجددين.
مراجع البحث
القرآن الكريم
البصيرة في الدعوة إلى الله تأليف : عزيز بن فرحان العنزي، ط : دار الإمام مالك - أبو ظبي ط ١٤٢٦هـ - ٢٠٠٥م
الحوار الذات والآخر تأليف عبد الستار الهيتي بتصرف كتاب الأمة ع ٩٩ المحرم ١٤٢٥هـ.