التفسير والبيان :
يخبر اللّه تعالى عن تمادي المشركين في غيهم وضلالهم، وعدم اكتراثهم بذنوبهم الماضية، ولا بما يستقبلون بين أيديهم يوم القيامة، فيقول : وَإِذا قِيلَ لَهُمُ :« وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَما خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ».
" لا تزال الآيات الكريمة، تلقى المشركين بالوعيد والتهديد، بعد أن عرضت عليهم من مشاهد قدرة اللّه ما فيه عبرة لمعتبر، ولكنهم ذوو أعين لا تبصر، وآذان لا تسمع، وقلوب لا تلين.. فإذا دعوا إلى أن يتقوا اللّه فيما بين أيديهم من نعم، يستقبلونها من اللّه، وما خلفهم من نعم أفاضها اللّه عليهم، لعلهم ينالون رحمة اللّه، ويدخلون فى عباده المتقين ـ إذا قيل لهم هذا القول، لم يقفوا عنده، ولم يلتفتوا إليه، ومضوا على ما هم عليه من كفر بنعم اللّه ومحادّة له..
وجاء القول بصيغة البناء للمجهول « قِيلَ »، للإشارة إلى أنهم لا يقبلون هذا القول الذي يدعوهم إلى تقوى اللّه، لا لأن رسول اللّه - ﷺ - هو الذي يدعوهم إليه، وإنما لأن طبيعتهم لا تقبله، من أية جهة تأتهم به، ومن أي إنسان يدعوهم إليه..
وحذف جواب الشرط « إذا » لدلالة حالهم عليه.. فهم على إعراض أبدا عن كل خير، وحق، وإحسان.. "
وليس إعراضهم مقتصرا على ذلك، بل هم عن كل آية معرضون، كما قال تعالى :« وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ ».