بين أيديهم ومن خلفهم، إلا ينتبهوا لها يقعوا فيها في كل خطوة من خطواتهم. وتتوالى عليهم الآيات مضافة إلى الآيات الكونية التي تحيط بهم في حيثما يتجهون. ولكنهم مع هذا يظلون في عمايتهم سادرين :«وَإِذا قِيلَ لَهُمُ : اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَما خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ. وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ»..
وإذا دعوا إلى إنفاق شيء من مالهم لإطعام الفقراء : قالوا ساخرين متعنتين :«أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ؟»..
وتطاولوا على من يدعونهم إلى البر والإنفاق قائلين :« إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ»! وتصورهم للأمر على هذا النحو الآلي يشي بعدم إدراكهم لسنن اللّه في حياة العباد. فاللّه هو مطعم الجميع، وهو رازق الجميع. وكل ما في الأرض من أرزاق ينالها العباد هي من خلقه، فلم يخلقوا هم لأنفسهم منها شيئا، وما هم بقادرين على خلق شيء أصلا. ولكن مشيئة اللّه في عمارة هذه الأرض اقتضت أن تكون للناس حاجات لا ينالونها إلا بالعمل والكد وفلاحة هذه الأرض وصناعة خاماتها ونقل خيراتها من مكان إلى مكان، وتداول هذه الخيرات وما يقابلها من سلعة أو نقد أو قيم تختلف باختلاف الزمان والمكان. كما اقتضت أن يتفاوت الناس في المواهب والاستعدادات وفق حاجات الخلافة الكاملة في هذه الأرض. وهذه الخلافة الكاملة في هذه الأرض. وهذه الخلافة لا تحتاج إلى المواهب والاستعدادات المتعلقة بجمع المال والأرزاق وحدها، إنما تحتاج إلى مواهب واستعدادات أخرى قد تحقق ضرورات أساسية لخلافة الجنس الإنساني في الأرض، بينما يفوتها جمع


الصفحة التالية
Icon