والإسلام يضع النظام الذي يضمن الفرص العادلة لكل فرد، ثم يدع النشاط الإنساني المتنوع اللازم للخلافة في الأرض يجري مجراه النظيف. ثم يعالج الآثار السيئة بوسائله الواقية. (١)
وقال دروزة :" الآيات متصلة بالسياق واستمرار له كما هو المتبادر. وفي ضمير لَهُمُ هنا دلالة على هذا الاتصال والترابط كما هو كذلك في الآيات السابقة. وعبارتها واضحة. وقد احتوت الآيات الأربع الأولى تقريرات عن واقع أمر الكفار ومبلغ مكابرتهم وجحودهم وغلظ قلوبهم. فهم يؤمرون باتقاء غضب اللّه في الدنيا والآخرة فلا يبالون. وتأتيهم آيات اللّه فيعرضون عنها. ويقال لهم أنفقوا مما رزقكم اللّه فيجيبون ساخرين : إن اللّه لو شاء أن يرزق الفقراء ويطعمهم لما قتّر عليهم وحرمهم، وإنكم في طلبكم هذا منّا في ضلال مبين ثم يتساءلون تساؤل الساخر المتحدي عن موعد العذاب الذي يوعدون به إن كان ذلك صدقا وحقا.
والآيات قوية التقرير والتنديد والإنذار. وقد احتوت صورا متنوعة لمواقف الكفار من دعوة اللّه وآياته ونبيه. والآية [٤٧] بخاصة تدلّ على أنه كان يقع جدل بين المؤمنين والكفّار في صدد المبادئ التي بشّرت بها الدعوة وآمن بها المؤمنون وأن هؤلاء كانوا يدعون أولئك في جملة ما يدعونهم إليه ويحاجونهم فيه إلى البرّ بالفقراء ويذكرونهم بأن ما في أيديهم من مال إنما هو من رزق اللّه فلا يجوز أن يضنّوا به على

(١) - في ظلال القرآن، ج ٥، ص : ٢٩٧٠


الصفحة التالية
Icon