الدافع الذي يدفعه إلى إطعامهم من ذات يده.. ذلك أن الذي يعرف عنه فى الناس أنه يحضّ على هذه المكرمة وينادى بها فيهم ـ يستحى أن يدعو إلى فعل ولا يفعله.. وإنك لن تجد بخيلا أبدا يدعو إلى الإحسان، لأن كلمة الإحسان تفزعه، حتى لو نطق بها زورا ويهتانا.. فإذا دعا داع إلى الإحسان كان معنى هذا أنه يمكن أن يكون فى المحسنين يوما ما.. وهذا هو السرّ فى احتفاء القرآن الكريم بالحضّ على فعل المكارم، فمن حضّ على مكرمة، وجعلها دعوة له، كان قمينا بأن يكون من أهلها عملا، بعد أن كان من دعاتها قولا.. (١)
" إن الذي يكذب بالدين هو الذي يدفع اليتيم دفعا بعنف - أي الذي يهين اليتيم ويؤذيه. والذي لا يحض على طعام المسكين ولا يوصي برعايته. فلو صدّق بالدين حقا، ولو استقرت حقيقة التصديق في قلبه ما كان ليدع اليتيم، وما كان ليقعد عن الحض على طعام المسكين.
إن حقيقة التصديق بالدين ليست كلمة تقال باللسان إنما هي تحول في القلب يدفعه إلى الخير والبر بإخوانه في البشرية، المحتاجين إلى الرعاية والحماية. واللّه لا يريد من الناس كلمات. إنما يريد منهم معها أعمالا تصدقها، وإلا فهي هباء، لا وزن لها عنده ولا اعتبار.
وليس أصرح من هذه الآيات الثلاث في تقرير هذه الحقيقة التي تمثل روح هذه العقيدة وطبيعة هذا الدين أصدق تمثيل." (٢)

(١) - التفسير القرآني للقرآن ـ موافقا للمطبوع - (١٥ / ١٦٨٥)
(٢) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (٦ / ٣٩٨٥)


الصفحة التالية
Icon