" أي ما ينظر هؤلاء المشركون المكذبون بيوم القيامة، إلّا صيحة واحدة تطلع عليهم من حيث لا يحتسبون، فتأخذهم وهم فى هذا الجدل والاختصام فيما يشغلهم من أمور دنياهم، وفيما يختصمون فيه مع المؤمنين فى أمر هذا اليوم "
أي ما ينتظرون للعذاب والقيامة إلا نفخة واحدة في الصور، هي نفخة الفزع التي يموت بها جميع أهل الأرض فجأة، وهم يختصمون فيما بينهم في البيع والشراء ونحوهما من أمور الدنيا أي وهم متشاغلون في شؤون الحياة من معاملة وحديث وطعام وشراب وغير ذلك، كما قال تعالى : فَأَخَذْناهُمْ بَغْتَةً، وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ [الأعراف ٧/ ٩٥] وقال سبحانه : هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً، وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ [الزخرف ٤٣/ ٦٦].
وقوله جل وعز : إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً هي النفخة الأولى في الصور، كما قال عكرمة، ويؤيده ما رواه ابن جرير عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ :" لَيَنْفُخَنَّ فِي الصُّورِ، وَالنَّاسُ فِي طُرُقِهِمْ وَأَسْوَاقِهِمْ وَمَجَالِسِهِمْ، حَتَّى إِنَّ الثَّوْبَ لَيَكُونَ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ يَتَسَاوَمَانِ، فَمَا يُرْسِلُهُ أَحَدُهُمَا مِنْ يَدِهِ حَتَّى يُنْفَخَ فِي الصُّورِ، وَحَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ فَلَا يَرْجِعُ حَتَّى يَنْفُخَ فِي الصُّورِ، وَهِيَ الَّتِي قَالَ اللَّهُ : مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً.. الْآيَةَ " (١).

(١) - جَامِعُ الْبَيَانِ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ لِلطَّبَرِيِّ (٢٦٨٠٨ ) صحيح لغيره


الصفحة التالية
Icon