وذعر يتساءلون :«مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا؟». ثم تزول عنهم الدهشة قليلا، فيدركون ويعرفون :«هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ»! ثم إذا الصيحة الأخيرة. صيحة واحدة. فإذا هذا الشتيت الحائر المذهول المسارع في خطاه المدهوش.
يثوب :«فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ».. وتنتظم الصفوف، ويتهيأ الاستعراض في مثل لمح البصر ورجع الصدى. وإذا القرار العلوي في طبيعة الموقف، وطبيعة الحساب والجزاء يعلن على الجميع :«فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلا تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ»..
وفي هذه السرعة الخاطفة التي تتم بها تلك المشاهد الثلاثة تناسق في الرد على أولئك الشاكين المرتابين في يوم الوعد المبين! (١)
وقال دروزة :" فالموعد آت لا ريب فيه. وستأتيهم الصيحة بغتة وهم لاهون في أشغالهم وخصوماتهم فيهلكون حيث هم فلا يرجعون إلى أهلهم ولا يجدون الفرصة لوصية يوصون بها.
الآيات استمرار للسياق السابق كما هو المتبادر حيث جاءت لتصوير الحالة في اليوم الموعود الذي حكت الآيات السابقة سؤال الكفار عنه وردّت عليهم مؤكدة منذرة، وعبارتها واضحة لا تحتاج إلى أداء آخر. وقد احتوت صورة للبعث الأخروي وما يكون فيه من مصير المؤمنين والكفار جزاء لما كسبه كل منهم في الحياة الدنيا، وما سوف يشعر

(١) - في ظلال القرآن، ج ٥، ص : ٢٩٧١


الصفحة التالية
Icon