فيه المشركون إلى موقف الحساب والجزاء.. وهذا الخبر هو تشويق للمؤمنين إلى هذا الجزاء الكريم الذي وعدوا به من ربّهم.. ثم هو فى الوقت نفسه عزل للكافرين عن هذا المقام، ومضاعفة للحسرة فى قلوبهم.. وسمي أهل الجنة أصحابها، تمكينا لهم منها، وإطلاقا لأيديهم بالتصرف فى كل شيء فيها، شأنهم فى هذا شأن المالك فيما ملك.. فضلا من اللّه وإحسانا.
وشغل أصحاب الجنة فى الجنة، هو ما يلقّون من ألوان النعيم، حيث يشغل هذا النعيم كل لحظة من حياتهم، إذ يجيئهم ألوانا وصنوفا، فإذا هم في أحوال متغايرة متشابهة معا.. تغايرة فى صورها وآثارها، متشابهة فى إسعاد النفوس ونعيمها.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى :« كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً » (٢٥ : البقرة) وفاكهون : أي منعّمون بما يساق إليهم من ألوان النعيم، وأصله من الفاكهة، إذ كانت من طيبات المطاعم.. ومنه الفكاهة، وهي التخير من طرف الكلام وملحه."
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [السجدة: ١٧] وَفِي رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ " مِنْ قُرَّاتِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ (١)

(١) - شعب الإيمان - (١ / ٥٨٩) (٣٧٧ ) وصحيح البخارى (٣٢٤٤ ) ومسلم (٧٣١٠ )


الصفحة التالية
Icon