إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ رَحِمَهُ، ثُمَّ يَقْضِي بَيْنَ مَنْ بَقِيَ مِنْ خَلْقِهِ، حَتَّى لَا يُبْقِي مَظْلَمَةً عِنْدَ أَحَدٍ إِلَّا أَخَذَهَا الْمَظْلُومُ مِنَ الظَّالِمِ، حَتَّى إِنَّهُ لَوْ كُلِّفَ شَائِبُ اللَّبَنِ بِالْمَاءِ أَنْ يُقَلِّبَهُ حَتَّى يُخَلِّصَ اللَّبَنَ مِنَ الْمَاءِ، فَإِذَا فَرَغَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ نَادَى مُنَادٍ يُسْمِعُ الْخَلَائِقَ كُلَّهُمْ فَيَقُولُ : أَلَا لِيَلْحَقْ كُلُّ قَوْمٍ بِآلِهَتِهِمْ، وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ، فَلَا يَبْقَى أَحَدٌ عَبَدَ شَيْئًا مِنْ دُونِ اللَّهِ إِلَّا مُثِّلَتْ لَهُ آلِهَتُهُ، وَيَجْعَلُ اللَّهُ تَعَالَى مَلَكًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ عَلَى صُورَةِ عُزَيْرٍ، وَيَجْعَلُ اللَّهُ مَلَكًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ عَلَى صُورَةِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، فَيَتَّبِعُ الْيَهُودُ عُزَيْرًا، وَيَتَّبِعُ النَّصَارَى عِيسَى، ثُمَّ تَقُودُهُمْ آلِهَتُهُمْ إِلَى النَّارِ، وَهُمُ الَّذِينَ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِمْ : لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ، وَإِذَا لَمْ يَبْقَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ، وَفِيهِمُ الْمُنَافِقُونَ، جَاءَهُمُ اللَّهُ فِيمَا شَاءَ مِنْ هَيْئَةٍ، فَيَقُولُونَ : وَاللَّهِ مَا لَنَا إِلَهٌ إِلَّا اللَّهُ، وَمَا كُنَّا نَعْبُدُ غَيْرَهُ، فَيُكْشَفُ لَهُمْ عَنْ سَاقٍ وَيَتَجَلَّى لَهُمْ، وَيُظْهِرُ لَهُمْ مِنْ عَظَمَتِهِ مَا يَعْرِفُونَ بِهِ أَنَّهُ رَبُّهُمْ فَيَخِرُّونَ سُجَّدًا عَلَى وُجُوهِهِمْ وَيَخِرُّ كُلُّ مُنَافِقٍ عَلَى قَفَاهُ، وَيَجْعَلُ اللَّهُ تَعَالَى أَصْلَابَهُمْ كَصَيَاصِيِّ الْبَقَرِ، ثُمَّ يَأْذَنُ لَهُمْ فَيَرْفَعُونَ رُءُوسَهُمْ، وَيَضْرِبُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الصِّرَاطَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ جَهَنَّمَ كَعَدَدِ أَوْ كَعَقْدِ الشَّعْرِ أَوْ كَحَدِّ السَّيْفِ، عَلَيْهِ كَلَالِيبُ، وَخَطَاطِيفُ، وَحَسَكٌ كَحَسَكِ السَّعْدَانِ، دُونَهُ جِسْرٌ دَحْضٌ مَزِلَّةٌ، فَيَمُرُّونَ كَطُرُوفِ الْعَيْنِ أَوْ كَلَمْحِ الْبَرْقِ أَوْ كَمَرِّ الرِّيحِ أَوْ كَجِيَادِ الْخَيْلِ أَوْ كَجِيَادِ الرِّيَاحَاتِ أَوْ كَجِيَادِ الرِّجَالِ، فَنَاجٍ سَالِمٌ، وَمَخْدُوشٌ، وَمَكْدُوشٌ عَلَى وَجْهِهِ فِي جَهَنَّمَ، فَإِذَا أَفْضَى أَهْلُ الْجَنَّةِ إِلَى الْجَنَّةِ قَالُوا : مَنْ يَشْفَعُ لَنَا إِلَى رَبِّنَا، فَنَدْخُلَ


الصفحة التالية
Icon