وليس في الحديث بعد ما يخلّ بما قلناه من استهداف الآيات لإثارة الخوف والرعب في الكفّار كما هو واضح."
وقال أيضاً : والآيات على ما هو ظاهر متصلة بالسياق السابق اتصال تعقيب وتنديد وتنبيه، ولعلها انطوت على تسلية للنبي - ﷺ - والمؤمنين أيضا. حيث احتوت تقريرات ربانية بأن اللّه لو شاء لطمس على أعين الكفار فلا يستطيعون أن يبصروا الصراط المستقيم ويسيروا فيه، أو لو شاء لمسخهم فبدّل من صورهم وأفقدهم قابلية الحركة والنشاط المعتادة وأن في ما يرونه من آثار قدرة اللّه وناموسه في تبديل خلق الإنسان وقواه وإرجاعه حين شيخوخته إلى الضعف وسوء الحال لدليلا على ذلك لو عقلوا.
والمتبادر لنا أنه أريد بما قررته الآيات تقرير كون اللّه لم يفعل بهم ذلك إلا ليكون لهم من مواهبهم وحواسهم المعتادة التي زودهم بها وسيلة للإدراك والتمييز والحركة والنشاط حتى لا تضيع الفرصة عليهم ويستحقوا ما يستحقونه من المصير عدلا وحقا إذ عطلوا ما زودهم اللّه به وأضاعوا الفرصة ولم يسيروا في طريق الهدى والحق.
وينطوي في هذا إعذار وإنذار ربانيان للكفار، وحكمة ربانية سامية مستمرة الإلهام والتلقين وهي الدعوة إلى الانتفاع بالمواهب التي أودعها اللّه في الناس بالاستدلال على سبيل الحق والهدى والخير والسير فيها وعدم تعطيلها." (١)

(١) - التفسير الحديث لدروزة - (٣ / ٣٧)


الصفحة التالية
Icon