الأوليين : وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ... الآية. ثم إنه تعالى أعاد الكلام على الوحدانية وأقام الأدلة الدالة عليها في بقية هذه الآيات.
التفسير والبيان :
ينفي الحق تبارك وتعالى صفة الشعر عن القرآن، وخاصية الشاعرية عن الرسول - ﷺ -، فيقول :« وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ »..
ومناسبة هذه الآية لما قبلها أيضا، هو أنه وقد حملت الآيات الثلاث قبلها دعوة إلى المشركين أن يستبقوا الإيمان باللّه، وأن يبادروا باستعمال عقولهم والنظر بها إلى آيات اللّه قبل أن تذهب هذه العقول مع الزمن ـ فقد جاءت تلك الآية تلقاهم برسول اللّه، وبكتاب اللّه الذي معه، ليكون لمن انتفع بهذه الدعوة معاودة نظر إلى رسول اللّه، وإلى كتاب اللّه.. فالضمير فى قوله تعالى :« وَما عَلَّمْناهُ » يعود إلى الرسول الكريم، وهو وإن لم يجر له ذكر فى الآيات السابقة، فإنه مذكور ضمنا فى كل آية من آيات الكتاب، إذ كانت منزلة عليه..
فهذا رسول اللّه.. ليس بشاعر كما يقولون.. إنه لم يؤثر عنه شعر، ولم يكن ـ كما عرفوا منه ـ من بين شعرائهم.. فهذه تهمة ظالمة، يجب أن يبرئوا النبىّ منها، وأن يلقوه من جديد على أنه ليس بشاعر.
وهذا كتاب اللّه الذي بين يديه.. ليس من واردات الشعر ـ كما يزعمون زورا وبهتانا ـ بل هو « ذكر » يجد الناس من آياته وكلماته، ما يذكّرهم بإنسانيتهم، وبما ضيعوا من عقولهم فى التعامل مع الجهالات


الصفحة التالية
Icon