النهاية في الآية التي تختم السورة :«فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ».. فهذه اليد القوية المبتدعة خلقت الأنعام للبشر وذللتها لهم. وهي خلقت الإنسان من نطفة.
وهي تحيي رميم العظام كما أنشأتها أول مرة. وهي جعلت من الشجر الأخضر نارا. وهي أبدعت السماوات والأرض. وفي النهاية هي مالكة كل شيء في هذا الوجود.. وذلك قوام هذا المقطع الأخير..
«وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ - وَما يَنْبَغِي لَهُ - إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ. لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ»..
وردت قضية الوحي في أول السورة :«يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ. إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ. عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ. لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ فَهُمْ غافِلُونَ..».. والآن تجيء في صورتها هذه للرد على ما كان يدعيه بعضهم من وصف النبي - ﷺ - بأنه شاعر ووصف القرآن الذي جاء به بأنه شعر.
وما كان يخفى على كبراء قريش أن الأمر ليس كذلك. وأن ما جاءهم به محمد - ﷺ - قول غير معهود في لغتهم. وما كانوا من الغفلة بحيث لا يفرقون بين القرآن والشعر. إنما كان هذا طرفا من حرب الدعاية التي شنوها على الدين الجديد وصاحبه - ﷺ - في أوساط الجماهير. معتمدين فيها على جمال النسق القرآني المؤثر، الذي قد يجعل الجماهير تخلط بينه وبين الشعر إذا وجهت هذا التوجيه.
وهنا ينفي اللّه - سبحانه - أنه علم الرسول الشعر. وإذا كان اللّه لم يعلمه فلن يعلم. فما يعلم أحد شيئا إلا ما يعلمه اللّه..