الشعراء وتتنزل به الشياطين. وإنما أنزله اللّه عزّ وجلّ، ودليلُ ذلك أنه متسقٌ مع كتب اللّه الأولى التي أنزلها على أنبيائه الأولين والتي يعرف العرب السامعون خبرها من أهل الكتاب الذين هم بين ظهرانيهم.
هذا، ومن الممكن أن يستدلَّ من الآيات على أن العرب كانوا يرون في القرآن نمطاً من أنماط الشعر، وأن الشعر عندهم لم يكن محصورَ المفهوم في ما يكون منظوما موزونا مقفّى، فقد قالوا إن النبي - ﷺ - شاعر في حين أن القرآن ليس شعرا حسب تعريف الشعر العربي المعتاد. ولو لم يسمعوا ما يصحُّ أن يطلق عليه في نظرهم اسم الشعر لما قالوا إنه شاعر، ولعلّهم رأوا في السور والفصول القرآنية المتوازنة المقفّاة مثل النجم والأعلى والليل والشمس والقارعة إلخ ما برّر لهم إطلاق الشعر على القرآن والشاعر على النبي صلى اللّه عليه وسلم.
وذكر بعض المثلة التي تمثل فيها النبي - ﷺ - ببعض الشعر أو الرجز، ثم قال معقباً :" والذي يتبادر لنا أنه لا منافاة بين أن يتمثّل النبي - ﷺ - ببعض الشعر بوزنه الصحيح بل وأن يحفظ أكثر من بيت من شعر شعراء العرب الذي يجري على لسانه بعض أبيات على نمط الشعر المتواتر وبين مدى الجملة القرآنية. وأن نفي ذلك عنه غير متّسق مع طبيعة الأشياء من حيث إن النبي - ﷺ - كان يعيش حياة العرب التي كان للشعر فيها حيّزٌ كبيرٌ. وإن المدى الأوجه والأصح للجملة على ضوء ما تلهمه آيات سورة الشعراء التي أوردناها وشرحناها قبل قليل هو أن