يا للبساطة! ويا لمنطق الفطرة! ومنطق الواقع القريب المنظور! وهل تزيد النطفة حيوية أو قدرة أو قيمة على العظم الرميم المفتوت؟ أو ليس من تلك النطفة كان الإنسان؟
أو ليست هذه هي النشأة الأولى؟ أو ليس الذي حول تلك النطفة إنسانا، وجعله خصيما مبينا بقادر على أن يحول العظم الرميم مخلوقا حيا جديدا؟
إن الأمر أيسر وأظهر من أن يدور حوله سؤال. فما بال الجدل الطويل؟!
«قُلْ : يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ. وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ»..
ثم يزيدهم إيضاحا لطبيعة القدرة الخالقة، وصنعها فيما بين أيديهم وتحت أعينهم مما يملكون :«الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ».. والمشاهدة الأولية الساذجة تقنع بصدق هذه العجيبة! العجيبة التي يمرون عليها غافلين. عجيبة أن هذا الشجر الأخضر الريان بالماء، يحتك بعضه ببعض فيولد نارا ثم يصير هو وقود النار. بعد اللدونة والاخضرار..
والمعرفة العلمية العميقة لطبيعة الحرارة التي يختزنها الشجر الأخضر من الطاقة الشمسية التي يمتصها، ويحتفظ بها وهو ريان بالماء ناضر بالخضرة والتي تولد النار عند الاحتكاك، كما تولد النار عند الاحتراق.. هذه المعرفة العلمية تزيد العجيبة بروزا في الحس ووضوحا. والخالق هو الذي أودع الشجر خصائصه هذه. والذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى.