حول الشمس.. وكلها تجري وتدور في دقة وفي دأب. لا تتوقف لحظة ولا تضطرب. وإلا تحطم الكون المنظور واصطدمت هذه الكتل الهائلة السابحة في الفضاء الوسيع..
هذا الفضاء الذي تسبح فيه تلك الملايين التي لا يحصيها العد، كأنها ذرات صغيرة. لا نحاول تصويره ولا تصوره.. فذلك شيء يدير الرؤوس! «أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ؟».
وأين الناس من ذلك الخلق الهائل العجيب؟
«بَلى ! وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ».. ولكن اللّه - سبحانه - يخلق هذا وذلك ويخلق غيرهما بلا كلفة ولا جهد. ولا يختلف بالقياس إليه خلق الكبير وخلق الصغير :«إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ : كُنْ. فَيَكُونُ».
يكون هذا الشيء سماء أو أرضا. ويكون بعوضة أو نملة. هذا وذلك سواء أمام الكلمة.. كن.. فيكون! ليس هناك صعب ولا سهل. وليس هنالك قريب ولا بعيد.. فتوجه الإرادة لخلق الشيء كاف وحده لوجوده كائنا ما يكون. إنما يقرب اللّه للبشر الأمور ليدركوها بمقياسهم البشري المحدود.
وعند هذا المقطع يجيء الإيقاع الأخير في السورة. الإيقاع المصور لحقيقة العلاقة بين الوجود وخالق الوجود :«فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْ ءٍ. وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ».. ولفظة ملكوت بصياغتها هذه تضخم وتعظم حقيقة هذه العلاقة. علاقة الملكية المطلقة لكل شيء في الوجود.


الصفحة التالية
Icon