أي أقسم بالقرآن ذي الحكمة البالغة، المحكم بنظمه ومعناه بأنك يا محمد لرسول من عند اللّه على منهج سليم، ودين قويم، وشرع مستقيم لا عوج فيه.
وفى وصف القرآن بالحكمة هنا، إلفات لما اشتمل عليه من فرائد الحكمة، التي هى مورد العقول، ومطلب الحكماء.. وأن الذي ينظر فى آيات اللّه ينبغى أن ينظر فيها بعقل متفتح، وبصيرة متطلعة، وقلب مشوق، حتى يظفر ببعض ما يتحدث به هذا القرآن الحكيم، فإنه لا ينتفع بحكمة الحكيم، إلا من كان ذا حكمة وبصيرة.. (١)
وفي هذا إشارة إلى أن القرآن هو المعجزة الباقية، وأن محمدا رسول اللّه - ﷺ -، صادق في نبوته، ومرسل برسالة دائمة من عند ربه.
تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ أي هذا القرآن والدين والصراط الذي جئت به تنزيل من رب العزة، الرحيم بعباده المؤمنين، كما قال تعالى : وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ، صِراطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ، أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ [الشورى ٤٢/ ٥٢ - ٥٣].
وهذا دليل واضح على مكانة القرآن وأنه أجل نعمة من نعم الرحمن.
لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ، فَهُمْ غافِلُونَ أي أرسلناك أيها النبي لتنذر العرب الذين لم يأتهم رسول نذير من قبلك، ولم يأت آباءهم الأقربين من ينذرهم ويعرّفهم شرائع اللّه تعالى، فهم غافلون عن معرفة الحق والنور والشرائع التي تسعد البشر في الدارين.

(١) - التفسير القرآني للقرآن ـ موافقا للمطبوع - (١١ / ٩٠٦)


الصفحة التالية
Icon