صدد التدليل على قدرة اللّه عزّ وجلّ وعظمته كما هو المتبادر. ولقد كان السائلون يعترفون باللّه عزّ وجلّ وكونه خالق الأكوان ومدبّرها ومالك كل شيء ومرجع كل شيء على ما نبهنا عليه وأوردنا شواهده القرآنية في مناسبات سابقة ومن هنا يأتي الإفحام لهم قويا ملزما. غير أن هذا يظلّ كذلك دائما لأن دلائل وجود اللّه وقدرته مائلة في كل شيء لا يكابر فيها إلّا مكابر أو جاهل." (١)
ما ترشد إليه الآيات :
يستنبط من الآيات ما يأتي :
١ - عجبا لأمر الإنسان، سواء العاص بن وائل السّهمي، أو أبيّ بن خلف الجمحي (و هو الأصح) أو أمية بن خلف أو غيرهم، كيف خلقه اللّه من يسير الماء، وأضعف الأشياء، ثم يصبح مخاصما ربّه، مجادلا في الخصومة، مبيّنا للحجة، أي أنه صار بعد أن لم يكن شيئا مذكورا خصيما مبينا.
قال أبو حيان : قبّح تعالى إنكار الكفرة البعث حيث قرر أن عنصره الذي خلق منه هو نطفة ماء مهين خارج من مخرج النجاسة، أفضى به مهانة أصله أن يخاصم الباري تعالى، ويقول : من يحيي الميت بعد ما رمّ مع علمه أنه منشأ من موات. (٢)
٢ - لقد نسي هذا الإنسان الضعيف المخلوق أن اللّه أنشأه من نطفة، ثم جعله إنسانا حيّا سويا، فهذا دليل حاضر من نفسه على إمكان
(٢) - تفسير البحر المحيط ـ موافق للمطبوع - (٧ / ٣٣٢)