"إنهم لن يتحولوا عن حالهم التي هم فيها، فلقد جمدوا على حالتهم تلك، كما تحنط الموتى فى توابيتها « وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ » (١٠١ يونس) وإذا فلا يقف النبي كثيرا عند هؤلاء المشركين الذين وقفوا من الدعوة هذا الموقف المحادّ لها، المتربص بها.." (١)
أما نفع الإنذار، فهو كما ذكر تعالى : إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ، وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ، فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ، أي إنما ينفع إنذارك الذين آمنوا بالقرآن العظيم واتبعوا أحكامه وشرائعه، وخافوا عقاب اللّه قبل حدوثه ومعاينة أهواله، أو خشوا اللّه قبل رؤيته، فهؤلاء بشرهم بمغفرة لذنوبهم، ورضوان من اللّه، وأجر كريم ونعيم مقيم هو الجنة. ونظير الآية : إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ، وَأَجْرٌ كَبِيرٌ [الملك ٦٧/ ١٢].
" فليوجه النبي وجهه كله إلى المؤمنين، وليعطهم جهده كله، ففى هذا الميدان يثمر عمله، ويقع موقعه من أهله..
وفى قصر الإنذار على من اتبع الذكر وخشى الرحمن بالغيب ـ فى هذا إشارة إلى الاستعداد الفطري للإيمان عند هؤلاء المنذرين، وأنهم بفطرتهم السليمة كانوا والإيمان الذي يدعون إليه على موعد، بل إنهم فى انتظار له، وشوق إليه، قبل أن يطلع عليهم..