لصفات الحي الذي يعاطفك وتعاطفه حين تصفي له قلبك وتصغي له روحك! وإنك لتطلع منه على دخائل وأسرار كلما فتحت له قلبك وخلصت له بروحك! وإنك لتشتاق منه إلى ملامح وسمات، كما تشتاق إلى ملامح الصديق وسماته، حين تصاحبه فترة وتأنس به وتستروح ظلاله! ولقد كان رسول اللّه - ﷺ - يحب أن يسمع تلاوة القرآن من غيره ويقف على الأبواب ينصت إذا سمع من داخلها من يرتل هذا القرآن. كما يقف الحبيب وينصت لسيرة الحبيب! والقرآن حكيم. يخاطب كل أحد بما يدخل في طوقه. ويضرب على الوتر الحساس في قلبه. ويخاطبه بقدر.
ويخاطبه بالحكمة التي تصلحه وتوجهه.
والقرآن حكيم. يربي بحكمة، وفق منهج عقلي ونفسي مستقيم. منهج يطلق طاقات البشر كلها مع توجيهها الوجه الصالح القويم. ويقرر للحياة نظاما كذلك يسمح بكل نشاط بشري في حدود ذلك المنهج الحكيم.
يقسم اللّه سبحانه بياء وسين والقرآن الحكيم على حقيقة الوحي والرسالة إلى الرسول الكريم :«إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ»..
وما به سبحانه من حاجة إلى القسم. ولكن هذا القسم منه - جل جلاله - بالقرآن وحروفه، يخلع على المقسم به عظمة وجلالا، فما يقسم اللّه سبحانه إلا بأمر عظيم، يرتفع إلى درجة القسم به واليمين!


الصفحة التالية
Icon