ورابعا : أن القرآن الكريم، يعقد الصلة فى أكثر من موضع منه، بين فرعون، وبين هؤلاء المشركين من قريش.. فإذا نظرنا إلى المثل على ضوء هذه الإشارات المضيئة من القرآن الكريم، نجد :
أولا : أن قوله تعالى :« إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما » يقبل التأويل، على أن الرسولين، هما موسى، وهرون، كما يقول تعالى :« اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى » (٤٣ : طه)..
وثانيا : أن قوله تعالى :« فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ » يقابله فى قصة موسى وهرون مع فرعون، حديث عظيم فى القرآن العظيم، عن رجل لم يكشف القرآن عن اسمه، وإنما أشار إلى أنه من آل فرعون.. أي خاصته، وذوى قرابته..
فهو إنسان ذو شأن فى المجتمع الفرعوني.. ومع هذا لم يكشف القرآن عن اسمه.. إذ ما جدوى الاسم، فى مقام الوزن للقيم الإنسانية فى الناس ؟ إن المعتبر هنا هو الصفة لا الموصوف، وذات المسمّى لا الاسم
يقول القرآن الكريم، عن هذا الرجل المؤمن :« وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ يا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جاءَنا قالَ فِرْعَوْنُ ما أُرِيكُمْ إِلَّا ما أَرى وَما أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشادِ وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ وَيا قَوْمِ إِنِّي