بعد الحديث في الدرس الأول عن المشركين الذين واجهوا دعوة الإسلام بالتكذيب والمثل الذي ضربه لهم في قصة أصحاب القرية المكذبين وما انتهى إليه أمرهم «فَإِذا هُمْ خامِدُونَ».. يبدأ الحديث في هذا الدرس بالتعميم في موقف المكذبين بكل ملة ودين ويعرض صورة البشرية الضالة على مدار القرون، وينادي على العباد نداء الحسرة وهم لا يتعظون بمصارع الهالكين، الذين يذهبون أمامهم ولا يرجعون إلا يوم الدين :«وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ»..
ثم يأخذ في استعراض الآيات الكونية التي يمرون عليها معرضين غافلين وهي مبثوثة في أنفسهم وفيما حولهم وفي تاريخهم القديم.. وهم مع هذا لا يشعرون وإذا ذكروا لا يذكرون :«وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ».. وهم يستعجلون بالعذاب غير مصدقين :«وَيَقُولُونَ : مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ» وبمناسبة الاستعجال والتكذيب يستعرض مشهدا مطولا من مشاهد القيامة يرون فيه مصيرهم الذي به يستعجلون، كأنه حاضر تراه العيون.
«يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ! ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ. أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ؟ وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ»..
والحسرة انفعال نفسي على حال مؤسفة لا يملك الإنسان شيئا حيالها، سوى أن يتحسر وتألم نفسه. واللّه سبحانه وتعالى - لا يتحسر على العباد ولكنه يقرر أن حالة هؤلاء العباد مما يستحق حسرة المتحسرين! فهي حال بائسة مؤسفة تنتهي بأصحابها إلى شر وخيم وبلاء عظيم! يا