طيبات ـ وفي هذا الأمر إلفات لهم إلى هذا الإحسان، وذلك الفضل من اللّه، وإلى ما ينبغى للّه من شكر وحمد، وهذا مثل قوله تعالى :« الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيها سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتَّى كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعامَكُمْ.. إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى » (٥٣ ـ ٥٤ : طه) والضمير فى ثمره، يعود إلى النخيل، لأنه المقدم رتبة على العنب، وهو أكثر أنواعا وألوانا منه، فلا يعدو أن يكون العنب لونا من ألوان الثمر ـ وقوله تعالى :« وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ » يمكن أن تكون الجملة معطوفة على قوله تعالى :« مِنْ ثَمَرِهِ » أي ليأكلوا من ثمره من غير صنعة، وليأكلوا ما عملته أيديهم من هذا الثمر، وصنعته..
ويمكن أن تكون الجملة حالية، والواو واو الحال، وما نافية.. ويكون المعنى، ليأكلوا من ثمر هذا الشجر، والحال أنه لم تعمله أيديهم، ولم يكن فى قدرتهم أن يخرجوا شجرة منه، أو أن يصنعوا ثمرة من هذا الشجر."
وقوله مِنْ ثَمَرِهِ عائد إلى ما ذكر قبل ذلك، وقال الرازي : المشهور أنه عائد إلى اللّه. وقوله : وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ يشمل في رأي الرازي الزراعة والتجارة.
ولما أمرهم تعالى بالشكر، وشكر اللّه بالعبادة، نبّه إلى أنهم لم يقتنعوا بالترك، بل عبدوا غيره، وأتوا بالشرك، فقال: «سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ »


الصفحة التالية
Icon