" هو تسبيح بحمد اللّه، وتنزيه له عن الشريك والولد، وتمجيد لجلاله وقدرته.. وهذا التسبيح والحمد، بلسان الوجود كله. وأنه إذا خرست ألسنة الضالين والمكذبين أن يسبحوا بحمد اللّه، وأن ينزهوه ويمجدوه، فإن الوجود كلّه لسان تسبيح، وتنزيه، وتمجيد للّه رب العالمين :« الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ » فالمخلوقات كلها من أزواج، هى الذكر والأنثى.. كما فى عالم الأحياء من حيوان، ونبات، وهى الشيء ومقابله، كما فى عالم المعاني. كالصدق والكذب، والحق والباطل، والإيمان والكفر، والضلال والهدى... "
والخلاصة : أن خالق هذا الخلق العظيم من إنسان وحيوان ونبات وخالق أشياء لا نعلمها منزه عن الشريك والنظير، قادر على كل شيء، وفي الآية الأمر بالتنزيه عما لا يليق باللّه تعالى، كالأمر بالشكر في الآية المتقدمة.
وبعد الاستدلال على إمكان البعث والحشر بأحوال الأرض المكانية، ذكر تعالى أدلة أربعة من أحوال الأزمنة، فقال :
١ -« وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ » وسلخ النهار من الليل، كشطه عنه، وإزالة القشرة النورانية التي تكسوه، كما يكسو الجلد الحيوان.. فإذا سلخت هذه القشرة النورانية عن كيان الكائنات، سادها الظلام.. وفى قوله تعالى :« نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ » ـ إشارة إلى حركة انسحاب النور، بحركة الأرض، ودورانها حول


الصفحة التالية
Icon