ولو على سبيل الفرض أولا، ثم اتخاذ الأسباب التي يمكن تحقيق هذا الفرض بها.. إن الملاحظة للشىء، هى الطريق الطبيعي للكشف عن حقيقته.. وليس مثل هذا العرض الذي عرضه القرآن الكريم للقمر داعية إلى الملاحظة والتأمل، لو أن ذلك وجد همما متطلعة، وعزائم جادة..!!"
أي جعل اللّه للقمر منازل يسير فيها سيرا آخر، وهي ثمانية وعشرون منزلا ذكرناها، ينزل كل ليلة في واحد منها بمعدل ١٣ درجة في اليوم، ثم يستتر ليلتين إن كان الشهر ثلاثين يوما، وليلة واحدة إن كان تسعة وعشرين يوما، فإذا صار القمر في آخرها دق وصغر واصفر وتقوس، وعاد إلى أولها، حتى صار كالعرجون القديم : وهو الغصن الذي عليه طلع النخلة، وهو أصفر عريض يعوجّ، ويقطع منه الشماريخ، يبقى على النخل يابسا.
ويستدل بمنازل القمر على مضي الشهور، كما أن الشمس يعرف بها الليل والنهار، كما قال عز وجل : يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ، قُلْ : هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ [البقرة ٢/ ١٨٩] وقال تعالى : هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً، وَالْقَمَرَ نُوراً، وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ [يونس ١٠/ ٥] وقال تبارك وتعالى : وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ، فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ، وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ، وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ، وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلًا [الإسراء ١٧/ ١٢]. والشمس تطلع كل يوم، وتغرب في آخره، ولكن تنتقل في مطالعها ومغاربها صيفا وشتاء، يطول بسبب ذلك


الصفحة التالية
Icon