المستشرف للشمس والضياء، وتزين الغصن اللدن بالورق والثمار، وتفتح الزهرة وتنضج الثمرة، وتهيئها للجني والقطاف.. «لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ».. ويد اللّه هي التي أقدرتهم على العمل، كما أقدرت الزرع على الحياة والنماء! «أَفَلا يَشْكُرُونَ؟».
ويلتفت عنهم بعد هذه اللمسة الرفيقة ليسبح اللّه الذي أطلع لهم النبت والجنان، وجعل الزرع أزواجا ذكرانا وإناثا كالناس وكغيرهم من خلق اللّه الذي لا يعلمه سواه :«سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ»..
وهذه التسبيحة تنطلق في أوانها وفي موضعها وترتسم معها حقيقة ضخمة من حقائق هذا الوجود. حقيقة وحدة الخلق.. وحدة القاعدة والتكوين.. فقد خلق اللّه الأحياء أزواجا. النبات فيها كالإنسان. ومثل ذلك غيرهما.. «وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ». وإن هذه الوحدة لتشي بوحدة اليد المبدعة. التي توجد قاعدة التكوين مع اختلاف الأشكال والأحجام والأنواع والأجناس، والخصائص والسمات، في هذه الأحياء التي لا يعلم علمها إلا اللّه..
ومن يدري فربما كانت هذه قاعدة الكون كله حتى الجماد! وقد أصبح معلوما أن الذرة - أصغر ما عرف من قبل من أجزاء المادة - مؤلفة من زوجين مختلفين من الإشعاع الكهربي، سالب وموجب يتزاوجان ويتحدان! كذلك شوهدت ألوف من الثنائيات النجمية. تتألف من نجمين مرتبطين يشد بعضهما بعضا، ويدوران في مدار واحد كأنما يوقعان على نغمة رتيبة! تلك آية الأرض الميتة تنبثق فيها الحياة.. ومنها


الصفحة التالية
Icon