واللّه سبحانه هو الذي يحيي الموتى، وهو الذي يكتب ما قدموا وآثارهم، وهو الذي يحصي كل شيء ويثبته. فلا بد إذن من وقوع هذا كله على الوجه الذي يليق بكل ما تتولاه يد اللّه.
والإمام المبين. واللوح المحفوظ. وأمثالها. أقرب تفسير لها هو علم اللّه الأزلي القديم وهو بكل شيء محيط. (١)
وقال دروزة :
أما الآيات فقد احتوت :
١ - توكيدا للنبي - ﷺ - بصدق رسالته وصحة نسبة التنزيل القرآني إلى اللّه وقوة إحكامه، وكونه على الطريق القويم لينذر قوما غافلين لم ينذر آباؤهم.
٢ - وحملة شديدة على معظم القوم الذين لم ينتفعوا بالإنذار ووقفوا من الدعوة موقف الجحود والعناد حتى كأنما ضرب عليهم سدّ حجب عنهم رؤية الحق. وكأنما قيّدت رؤوسهم بالأغلال فعجزوا عن تحريكها يمنة أو يسرة لاستبانة طريق الهدى.
٣ - وتسلية للنبي - ﷺ -. فهو إنما أرسل لينذر الناس وينتفع بإنذاره الذين حسنت نياتهم وصدقت رغباتهم في الحق، واستشعروا بخوف ربهم فآمنوا به واتبعوا قرآنه ورسوله فاستحقوا مغفرته وأجره الكريم.
٤ - وتقريرا ربانيا بأن اللّه سوف يحيي الناس بعد موتهم وأنه يسجل عليهم جميع ما فعلوه في حياتهم وخلفوه من تبعات بعد موتهم تسجيلا دقيقا وواضحا.
وعلى كل حال فالآيات بسبيل تطمين النبي - ﷺ - وتثبيته إزاء ما كان يلقاه من قومه من عناد وجحود ومناوأة. وأسلوبها قوي نافذ. والراجح أنها نزلت في ظرف كان لهم أو لبعضهم موقف شديد من ذلك أثار النبي - ﷺ - وآلمه فاقتضت حكمة التنزيل الإيحاء بها للتطمين والتثبيت من جهة والتنديد والتقريع والإنذار من جهة أخرى.

(١) - في ظلال القرآن، ج ٥، ص : ٢٩٥٨


الصفحة التالية
Icon